.
مقدمة:-
هى قصة حقيقية من واقع فيضانات النيل المتكررة على الشمالية...لذلك رايت نشرها فى المنتدى العام
وليس فى منتدى القصة.....حكاية واقعية كنت شاهدا عليها وكان كثيرون غيرى شهداء عليها وهم من شباب
الحجير رواد نادى الحجير وبعض الاخوةمن حلة كلحية.......مسرح القصة ساقية شيخنا ود ابراهيم ....بداية العرض
الساعة العاشرة والنصف مساء وينتهى العرض عند شروق الشمس........
الاهداء - الى الاخوة بنادى الحجير الثقافى الاجتماعى الرياضى
الى كل المرابطين على الثغور القابضون على جمر القضية
والى كل من جعل الحجير فى حدقات عينيه
اهدى قصتى
ود كحيل
كان ذلك فى عام 2001 وتحديدا فى اغسطس حين فاض النيل كعادته وبات يهدد الزرع والضرع
وحتى المساكن لم تكن تسلم من غزواته- كنا نحن ابناء قرى الحجير والاراك وكلحية فى غرفة عمليات
مشتركة لمراقبة الجسور الواقية وكان جسرا واحدا يربط المناطق الثلاثة ان انهار فى اى مكان فذلك يعنى
غرق القرى الثلاثة جميعا لذا راينا ان نكون كلنا يد واحدة لمجابهة الخطر المحدق بنا......
ظل النيل فى فيضانه يرتفع رويدا رويدا والكل عين ساهرة يرابطون على الجسر الذى اقيم من تراب ترعة المشروع الزراعى الرابط بين القرى الثلاثة.... الكل يتناوب الحراسة ويتبادلون المواقع ويردمون المناطق الضعيفة
كانت الجسور فى قريتى كلحية والحجير اشبه ما تكون آمنة غير ان بعض المناطق بالاراك كانت بها بعض الثغرات
والمواضع الضعيفة مما اضطرنا كثيرا الى مراجعتها وتقويمها ... الكل كانو فى مستوى المسؤولية مواصلين الليل
بالنهار وهم يعلمون ان النيل لا يرحم وان اى تهاون او تخاذل يعنى الغرق الاكيد.......
كان مقر غرفة العمليات هو نادى الحجير وكان الجميع حين يشعر بالخطر يبقى بالنادى حتى الصبح الكل اما فى حراسة الجسر واما مرابطا بالنادى استعدادا لاى طارئ....
وفجأة انهار الجسر بمنطقة الاراك-اتت الينا عربتى بوكس لطلب النجدة وصاح المنادى ان المرووووووة الجسر انكسر
فى الاراك-- هب الجميع -الكل يركبون السيارات القادمة والمتواجدة اصلا لمثل هذا الحدث الذى كانوا يحسونه وشيكا
ومن لم يجد عربة ركب حمارا ومن لم يجد حمار سار على رجليه والكل يتسابقون نحو منطقة انهيار الجسر فى ساقية
شيخنا ود ابراهيم فى مسافة لا تقل عن الاربعة كيلو مترات.....وجدنا ابناء الاراك قد سبقونا وبدؤوا العمل فى ترميم
منطقة الانهيار-وجدنا ان منطقة الانهيار تقارب ال15 متر عرضا واكثر من متر عمقا تندفع المياه منها فى عنف الشلال
كنا نعمل فى فريقين بردم الجانبين بشوالات الخيش المملوءة بالتراب وكانت صغيرة الحجم مثل اكياس المخدة...
كانت كلما تضيق الفجوة يزداد اندفاع الماء حتى صار الشلال يحمل الجوالات المملوءة بالتراب كما يحمل القشة وتآكل
مجرى الماء حتى صار العمق متران بالتمام والكمال....كان بعض الكبار قد ذهب ليجلب مزيدا من شوالات الدعم وحين اتوا بها وجدوا ان اكثر من نصف ما بنى قد انهد وانهار...وقف الجميع حائرا امام هذا المد الغاضب والبركان الثائر
كما ان بعض الاخوة من ابناء الاراك ذهب يائسا ليلملم اطرافه استعدادا للغرق الآتى----خرج الجميع محبطا يائسا ووقفوا
ينظرون الى ذلك المارد الذى قضى على مجهود اكثر من مئتى شخص لثلاث ساعات متواصلة-قضى عليه فى لحظات
كان الكل بين واقف وجالس فى الارض حزينا مهموما يفكر فى الايام العصيبة القادمة--والكل فى هذا الوجوم والذهول-
اذا بنخلة سامقة عالية تنهار ويصادف وقوعها فجوة الانهيار--- هب الجميع وكانما عادت الحياة اليهم من جديد..كان الاساس للجسر هذه المرة متينا وهى النخلة----بداء العمل مرة اخرى بتفاؤل عاد النشاط وعادت الهمة-----ذهب الكبار وعادوا محملين بالمزيد من الشوالات وابواب الحديد وكل ما يمكن ان يساهم فى تقويم الجسر كانت الشوالات هذه المرة كبيرة وكانت المعنويات عالية لم يستطيع النهر المسكين مقاومتها امتد العمل طوال ساعات الليل وحتى شروق الشمس
حيث تم احتواء الموقف وتامين الجسر وسط تهليل وتكبير الجميع الذين احسوا ولاول مرة بالانتصار على ذلك النيل العنيد
الجبار....كنت انا اقف وحدى انظر الى ما ظهر من جريد تلك النخلة وقد علمت ماذا فعلت-احسست بالدموع تنتابنى وكنت
اغالبها وحين وجدت انها ستغلبنى قفزت فى النهر لكى لا يراها احد وان علم الحقيقة فلا شك انه سيقول...الحقو جنا ود
كحيل جن...... اولا توافقونى الرأى ؟؟؟؟
ود كحيل